colors_of_joy: (Default)
[personal profile] colors_of_joy

بسم الله الرحمن الرحيم


بما أنني اكتشفت ولله الحمد أن لدي حاسة سادسة ، وما إن نشرت  في مدونتي بشأن كود بلو حتى قرّروا فجأة عمل جزء ثاني بعدها بأيام قليلة ،واحتفاءً بهذا الخبر السعيد فقلت لمَ لا أتشارك معكم خواطري البسيطة حول الدراما ؟ ...يوروشيكو أونيجايشماااس ..وعُذرًا مُقدّمًا لطول المشاركات

>>> لمَن لم يُشاهد الجزء الاول من الدراما..انتبهوا رجاءً فردّي يحوي حرقًا صريحًا لبعض المشاهد الهامة >>

>>> تلك كانت خواطري وقت مشاهدتي للدراما لأول مرة منذ حوالي أكثر من ثمانية أشهر ! ، لكني كالعادة لم أدرِ أين أنشرها بالضبط ، كذلك نسيت أمرها وتعثرت بها مؤخرًا ضمن ملفاتي المُتراكمة عندي في انتظار الفرج والنشر يومًا ما ! ، لا فائدة فيّ أبدًا ، عليّ ترتيب ملفاتي وأموري حقًا ..عاااااا >>>

Code Blue


لقد أنهيت مشاهدة المسلسل أخيييرًا بعد تأجيلي لهذا ملايين المرات ولا أدري لماذا ، ربما تخوّفت من كونه مسلسل طبّي وسأكره حياتي حتمًا من المصطلحات الطبيّة العجيبة التي لا أفقه فيها حرفًا والتي تُثير جنوني عادةً ، أو ربما قلقت من كونه أول مسلسل طبّي ياباني أشاهده وخوفي أن يكون به أي أخطاء تقنيّة أو حدوث مُقارنات لا اراديّة منّي بينه وبين

Er أحب المسلسلات الأمريكيّة الطبيّة إلى قلبي

أو أو ..المهم إنني دون أن أشعر كنت أنتظر وأؤجل مشاهدته حتى أمسكت بي أختي بعد أن سئمت مني ومن تأجيلي ومبرّراتي العجيبة وأخبرتني بحزم أن كل أعذاري الواهية قد انتهت وحان وقت المواجهة ! ..

وأنا أشكرها من كل قلبي لأنها فعلت ذلك وأخيرًا تغلبت على قلقي وتوتري وشاهدته ..وسعيدة أكثر أن أضفته لمُفضّلتي وللمسلسلات القريبة من قلبي ♥♥ ..

سعيدة بأول تجارب اليابانيين في المسلسلات الطبيّة - على ما أعتقد - وأنه ارتقى لمستوى توقعاتي ولم يُخيّب أملي .. مُمتنة بشدة للأعزاء

F4 Team
على مجهودهم الجبّار في العمل على الحلقات خاصةً الترجمة والتي خرجت ولله الحمد في أبهى شكلٍ ممكن..

لقد أشفقت عليهم حقًا حينما علمت بأنهم سيترجمون مسلسلاً طبيًّا لمعرفتي صعوبة ذلك وأحيانًا استحالته لغير المُختصين ..

حيث لا تكون المشكلة هنا في الترجمة بحد ذاتها بل في فهم ما يُراد قوله وتحديد المصطلحات الطبيّة والجمل والتعابير الشهيرة في ذلك المجال وتوصيلها بشكل يسير ومفهوم وغير مبهم أو غريب ..

وأشفقت أكثر حينما حكت العزيزة "فطوم تشان" تجربتها مع الترجمة ووجود كل تلك المراجع والمصادر والمواقع الطبيّة وصعوبة استخراج المُراد من كل ذلك مما يأخذ الكثير من الجهد والوقت ،لكنهم بصراحة تخطوا كل تلك العقبات وأثبتوا جدارتهم ،ولذلك أنا ممتنة

أشكرهم بشدة لأنهم جعلوا تلك المصطلحات الطبيّة والكلمات شديدة السهولة في الفهم وساعدتني حتى على أن أستوعب معاني تلك المصطلحات وترجمتها العربيّة التي كنت أقرأها أحيانًا من قبل في أماكن أخرى فتبدو لي اللغة الإنجليزيّة أرحم ! ، ولأنهم ساعدوني على الاندماج في جو المسلسل فلم أشعر بلحظة ملل أو عدم فهم أو بأني خارج الحقل الطبي بأي حال من الأحوال ، حقًا من كل قلبي شكرًا ^_^
***
أكثر ما أحببته في هذا المسلسل أنه استطاع بذكاء القيام بمعادلة صعبة لطالما جذبتني وأعجبت بها ، ألاَ وهي المزج ما بين التجارب الإنسانيّة والألم البشري الطبيعيْ وجوده في تلك البقعة المليئة بالأحداث والقصص والتجارب ، وما بين المشاكل الطبيّة وما يُواجهه طاقم الأطباء والمُعالجين أنفسهم كل يوم سواء في حياتهم الخاصة أو في تعاملاتهم مع مرضاهم ، وذلك بشكل احترافي مختصر دون تمطيط أو املال وتفاصيل لا داعي لها..

بالإضافة أنه رغم كوْنها دراما مخصّصة في الأساس للدعاية للنظام العلاجي الجديد وهو الاسعاف الطائر الذي تم تطبيقه مؤخرًا في اليابان ، ورغبتهم في تقريب الفكرة للجمهور وتحميسهم للمشاركة فيه ، لكن ذلك لم يكن مركّزًا أو كـ درس تعليمي ممل ، بل تخللت ذلك أحداث دراميّة طبيعيّة جدًا في حياة الأطباء وظروفهم ، وكونهم بشر مثلنا يعانون بشدة ، لكن الجديد هو أنهم لم يكونوا أطباء متمّرسين أو ذوي خبرة ..بل طلاّب طب جدد ^_^، ومن الطبيعي جدًا أن يرتكبوا الأخطاء ويواجهوا المصاعب ، أي شخصيّة حقيقية وموجودة وقد يجد كل فرد نفسه فيها لو كان في مكانهم ...مما يعني مزيدًا من التشجيع للطلاّب والطالبات لأن يسلكوا مسار الطب .

كذلك ذكاء الكاتب في رسم شخصيّة كل فرد من الأبطال ، واعطائنا لتفاصيل حياته بالتدريج وخطوة خطوة لنجمع تلك التفاصيل تدريجيًّا لتتكون لنا الصورة الكبيرة مع الوقت .. أحببت كذلك - كعادتي - فكرة اعطاء انطباع أوّلي خاطئ عن أحدهم لتتغير فكرتنا عنه مع الوقت ونحس بأن الإنسان لا يبدو شفافًا كسطح الماء نستطيع تبيّن ما وراءه ، بل هو عميقٌ كالبحر ذاته يحتاج لوقت لنعرف سرّه وما يُخفيه عنّا ، وأن خلف كل لمحة باردة وتصرفٍ أحمق أو خشن وكلمات جارحة يكمن قلبٌ يتألم وعينان تحمل حزن العالم كله .. يُمكن القول أننا اخذنا أفكارًا انطباعات مُسبقة خاطئة عن الكل تقريبًا عدا قلّة ..



فـ"إيزاوا" الشاب الهادئ حد البرود والواثق من نفسه المُوحي بالغرور  ، تكشّفت لنا صراعاته مع نفسه لكي يستطيع مواصلة الحياة مع كل ما لاقاه في حياته من ألم ومعاناة ،أن يُناضل لكي يُحقق حلمه ويُصبح طبيبًا محترفًا ، لأن يُقاوم الإحباط والخوف والفشل ، أن يقرر في أوقات المحنة والخطر تلك القرارات التي سوف تُحدد مستقبله وتظل عالقة في حياته للأبد ، ذلك السطح الهادئ كان يُخفي تحته بركانًا من المشاعر والإحساس .. تمامًا كشخصيّة توموهيسا نفسه ، برع في أن تحمل عيناه كل ذلك ولم يتغير وجهه للحظة ..كان يُمثّل جزءً من حياته ومشكلته مع الحياة

أن يُؤقلم نفسه أنه وحده وليس له أحد لكي لا يتألم أكثر ، وأن يحمل قلب طفل يتعذب لمرأى أنيسه ورابطه الوحيد في الحياة يُعامله كشخصٍ غريب ، وكأن رابطته بالعالم قد انقطعت للأبد ،وأن أمله الوحيد في أن يتذكره أحد بعد الرحيل قد تلاشى ، وأن اشتياقه لأن يجد مَن يهتم به ويرعاه ويمنحه من الحب والحنان ما يحتاج قد تبدد للأبد و غدا وحيدًا بالفعل، قاسٍ جدًا ما تعرض له  ×___×


فوجيكاوا الشاب المرح والودود على الدوام الذي يُشعرك بأنه لا يحمل للعالم همًّا وبأنه ضعيف الهيئة والبنية ، يحمل اصرارًا وعزيمة تفوق الجبال ، يحمل مقدرة على التواصل لا يُجاريه فيها أحد ، يُمكنه كما انتزع ضحكاتك بعفويّة ومرح وتهور أحيانًا وأن يختطف قلبك بحزنه وبكائه وعلاقته المُعقّدة بوالدته - شأن كل ابن في هذا العالم - ، بسرّه الدفين ، بتحدّيه لنفسه ومخاوفه الداخليّة ليغدو أفضل..لتلك الطاقة الداخليّة المبهرة ^ ^، في العادة أكثر شخصيّة تبدو مرحة وظريفة في أي دراما أعلم أن خلفها سرًّا كبيرًا وحزنًا بلا حدود وأنها فقط تستطيع أن تُحيط نفسها بتلك الهالة من الهدوء واللطف الذي يبدو للبعض لامبالاة واسترخاء لكي تستطيع ببساطة أن تعيش دون أن يقتلها الهم ! ..لطالما كان أكثر شخص أتعاطف معه هو تلك النوعيّة ^ ^، كون آلامه الداخليّة لا تنكشف لأحدٍ أبدًا ..


شيرايشي ..تلك الفتاة الرقيقة الهادئة الذكيّة اللمّاحة التي تشبه النسيم ^ ^ ، التي يقتلها تردّدها وشعورها الدائم بعدم الثقة في نفسها رغم امتلاكها للموهبة والمقدرة ، خوفها الدائم من الفشل أو أن تُخيّب آمال كل مَن اعتمدوا عليها بدءً من والديْها ومرورًا بكل مَن عرفتهم ، بمحاربتها كل يوم لتكون في تلك الصورة التي وضعوها فيها ولترقى لتوقعاتهم ! ، أن تُحارب القلق وتحسم قرارتها وأن تُقاوم التنافس في العمل لكي تنجو ..لم تختلف كثيرًا عن صورتها اللطيفة التي أخذناها عنها منذ البداية ، سوى فقط في كونها بحق تملك عزيمة وارادة كبيرتيْن متخفيّين خلف تردّدها وهدوئها


هياما ..الشابة التي تضج بالحياة والعناد والتي يعلو صوتها وشجارها وتبدو عصبيتها ، في الحقيقة أرق من أن تتحمل ألمًا ، وتملك قلبًا ماسيًا تُخفيه خلف تصرفاتها الخشنة ، لكنها فقط تعجز عن السكوت عن الحق ^ ^ ، تبدو لمَن يُراقبها من بعيد وكأنها مصدر للازعاج والمتاعب ، وبأن لسانها سليط حاد لا أمل في علاجه ، بينما هي لطيفة للغاية ومتفهمة وتحب مَن حولها وتهتم لأمرهم حقًا..



د.كورودا المتعجرف الصارم الكئيب ، يحمل حنانًا وعطفًا لا يمكن تصورهما ، ألمه الداخلي فقط حوّله إلى ماهو عليه ،إنه فقط يجد صعوبة في ترجمة مشاعره وتفسير ذاته ، والأسوأ تمنعه خبراته السيئة من الافصاح بشكل صحيح عن مشاعره فتظل عواطفه مكبوتة مهما حاول ..

تحوّل ألمه وجراحه إلى غضب هادر ، حاول مداراة نفسه خلف جدار عازل من الصرامة والحدة..ربما لكي لا يسمح لأحد بإيذائه أو ربما في محاولة بائسة لعلاج جراحه القديمة ، لكن مؤكد أنه بداخله يكمن انسان حسّاس ومراعٍ رغم ظاهره الخادع لوهلة ..

كل منهم ترجم خوفه وحزنه بشكل مختلف لكي يحمي نفسه ، لكي يشعر بأنه بخير ويمكنه الاستمرار ..لكن فقط هناك من ابتلاه الله في لسانه ^ ^ ، فتُصيب سهام كلماته الطائشة من حوله رغم أنه أطيب مَن في هذا العالم !..



د.ميتسو التي تبيّن أن ما تحمله عيناها من هدوء وربما برود ، وأن تصرفاتها اللامبالية وعمليّتها الزائدة ، ماهي إلاّ نتاج حزنها وألمها وتجربتها القاسية التي حملتها معها ، لنكتشف من جديد أننا كنّا مخطئين وأنها فقط حاولت أن تتعايش مع ذلك الألم وأن تستمر ، ألم التقصير والشعور بالذنب ، معاناة تفكيرها الدائم فيما وجدت نفسها فيه وإن كان قرارها سليمًا حقًا وقتها ، وهل لو كانت اتخذت قرارًا آخر لكانت اختلفت النتيجة؟ شعور أم تعلم جيدًا معنى أن تفقد طفلاً ..فدفنت كل معاناتها خلف ستار من الجمود ووضعت مشاعرها في خزانة مغلقة أضاعت مفتاحها ..


الممرضة "ساجيما" التي تحمل حقدًا دفينًا وكرهًا كبيرًا لمَن حولها ، تُعاني في الحقيقة من شعورٍ رهيب بالذنب وشعورٍ آخر بالضآلة وبخيبة الأمل ترجمتهما بشكل خاطئ ، إنها مثال حي على دواخلنا ، حينما نملأ الدنيا صراخًا بشعارات كثيرة عن كوْننا يجب أن نقف إلى جوار أحبائنا ، وأنه علينا أن نتحمّل لأجلهم ، وأنه لو تعرض أحدهم لمحنة حتى لو استمرت العمر كله فسنكون معهم ..الخ ..

ومع حدوث كل ما تحدثنا عنه نُصاب بصدمة هائلة ويتملكنا الهلع ونعجز عن اتخاذ القرار السليم ، فنظل نتخبّط ، ونرتكب الخطأ تلو الآخر ، مسببين الألم لأحبائنا ..لنكتشف الفاجعة ..وأننا لم نعد ندرِ كيف ولماذا تصرفنا بهذا الشكل ، وبأننا حينما وُضعنا في الاختبار الحقيقي فشلنا ! ..

كانت تحبه وتكرهه في نفس الوقت ، تحبه لأنها مشاعرها الأولى نحوه ولأنه يعتبر حب حياتها الذي استمر لسنين ، وتكرهه لأنه حتى ولو كان ذلك بدون قصد قد كشفها أمام نفسها وبأنها أضعف من أن تتحمل ، وبأنها ببساطة وغدة لأنها تخلّت عنه ! ، ليتركها كل يوم يتآكلها الذنب والتفكير ...

برأيي كانت - بالإضافة لشخصيّة د.كورودا - هي الشخصيّة الأعقد فيمَن سبقوا والتي لم تتكشّف كل حكايتها أو مشاعرها بشكل كافٍ وبرأيي كان يُمكن استغلالها بشدة من خلال السيناريو لوضع المزيد بشأنها ولتتكشف لنا موهبة الممثلة وإن كانت قادرة على القيام بهذه النوعيّة المعقّدة من الأدوار المليئة بالمشاعر أم لا ..لكنها كانت دورًا ثانويًّا رغم كل شئ ..

لحظات الألم :

* الحلقة الثامنة وبداية المأساة الحقيقيّة وتكشف كل الحقائق فجأة ..بداية مأساة دكتور كورودا ، لحظات الصدمة والجزع التي تُصيب مُتلقي الأخبار هي ما يشدني دومًا في تلك النوعيّة من المشاهد ، أحب أن أرى ردود أفعال المحيطين بالمصاب وخاصةً لو لم يكونوا على علاقة مباشرة به ، لحظات تلقي الأطباء لخبر حادث كورودا وبتر ذراعه كانت قاسية ، ذهول صديقه وتحديقه في الشاشة وافلات القلم من يده ، الدموع المتجمعة في العيون الذاهلة ، صدمة عاملة اللاسلكي ...كل مَن تعامل مع الدكتور وعرفه يومًا ، توقف الزمن في تلك اللحظات ..

وهُم يعلمون جيّدًا أن معنى هذا ليس فقط خسارة ذراعه بل انتهاء مهنته كطبيب ..وللأبد
حياته كلّها تغيّرت من الآن فصاعدًا ..


الموسيقى العبقريّة لتي تحمل بداخلها ملايين المشاعر في آن واحد ، ولكنها تنساب وكأن الزمن توقف لتُعطيك الإحساس الغريب بذلك الصمت البارد الذي يجتاح كيانك..اواسمها النابع منها

Noiseless Period ..

للاستماع :
اضغط هنا من فضلك

إنها موسيقى الصمت ..ذلك الخواء في المشاعر واللحظات التي يتوقف فيها عالمك عن الدوران ، لكنه توقّف لا يمحو الألم وانكسارات القلب ، تسمعها تتردد في أرجاء عقلك كماهي بصداها المتكرر ، فكأنك وحدك تسير بالتصوير البطئ بينما عالمك كله من حولك ..يُهروِل !

إنها لحظات مؤلمة .. لحظة أن تمت اجابة السؤال المعلّق لـ"إيزاوا" عن توقيت الصدمة بالضبط ليأتيه الصوت الضعيف للدكتور "كورودا" مُخبرًا إياه - وسط ذهول الجميع - التوقيت ويُعلمه أنه - التعيس- لازال حيًّا بل وواعيًا كذلك بكل ماحوله وبكميّة الألم التي لا يمكن لبشر تحملها بسقوط ذلك الثقل القاتل عليه وحبس ذراعه أسفله! ..

لحظات ذهول "شيرايشي" وهي تضم إليها كفيها المغرقتيْن في الدماء بالضبط كما رأتها في حلمها صباح ذلك اليوم ، لقد أبكتني هذه اللقطة بشكل لا يُمكن تصوره ، لقد أحستْ بما سيحدث لكنها لم تعرف كيف ، رأت بعينها مأساة ودماء ضحيتها على يديها ولم تعرف مَن سوى الآن ، جاءتها الإجابة متأخرة جدًا .. مُطالبة د.كورودا البائسة لإيزاوا أن " ابترها..ابترها يا إيزاوا" كانت مؤلمة بشدة ، الثواني التي استغرقها "ايزاوا" ليستوعب ويقرر ، رغم ثبات ملامحه لكن عيناه حملت كل حيرته وتردده وصدمته مما طُلب منه ، حتى جاءت الإجابة أن "فهمت ..."

المشهد الأخير والطائرة التي تحمل كل آلام وعذابات البشر في مكان واحد ، الدموع المتحجرة في عيون هياما ، شيرايشي والذنب الذي يقتلها ، صدمة الممرضة ، حزن الطيار ومساعده وقلقهما ، إيزاوا والذنب الذي يكبّله وحيرته إن كان قد اتخذ القرار السليم أم لا ، كورودا الغائب عن الوعي والمُقدم على مستقبل مجهول ...بساطة المشهد بأكمله ..قطعة من الحزن .

*
مطالبة زوجة الدكتور كورودا له أن ينقذ ولده كانت من أبشع ما يكون ، أيهما أكثر ايلامًا الشعور بالذنب أم الشعور بالعجز ؟؟؟


آلمني بشدة أن يحس أبرع جرّاح بالقهر والعجز تجاه أحب مخلوق له على وجه الأرض ، أن يقف مكتوف الأيدي ولا يمكنه حتى مد يد المساعدة لولده الوحيد ، أن يتحمّل دموع وصراخ زوجته وكلماتها التي كانت أقسى من مئات السكاكين ..كانت أول مرة أشهد فيها ضعفه ودموعه الحبيسة وشعوره بأنه ببساطة انتهى في ذلك اليوم الذي فقد فيه ذراعه ..

لكن بشكل ما كان أكثر ما يميّز هذا الموقف أنه حمل ثقة وايمان د.كورودا فيمَن حوله من طاقم عمل المشفى وفي وزملائه الذين عاشرهم بل ودرّب بعضهم ..احساسه بأنه يُسلمّهم روحه المتمثّلة في ابنه وسيكون منتظرًا أن ينقذوه ...

* تردد إيزاوا وتدهور مستواه التقني في العمليات وخوفه من قراراته لأول مرة في حياته وشعوره الدائم بالذنب ، كأن تلك الحادثة لم تكن مجرد نقطة تحوّل في حياة الدكتور كورودا فقط ، بل في كل مَن تشابكت أقدارهم معه

لأول مرة نشهد بوضوح ذلك الرعب والقلق في إيزاوا الواثق الطموح ، تلك الاهتزازات الخفيّة التي ظهرت فجأة على السطح ، وشعور الطبيب الذي عليه أن يُقرّر وبأسرع وقت ممكن عشرات القرارات المصيريّة في حياة مرضاه ، وعليه ألاّ يستسلم للذنب والتردّد مهما حدث ، أن يتعلّم أن يتحمل نتيجة أفعاله وقراراته بصوابها وخطأها ..أن يعلم أنه قد يأخذ قرارات قاسية في لحظات يتحدّى فيها الزمن..

* شيرايشي ومكالمتها مع والدتها التي أسالت دموعي بجدارة ، الفتاة المُحمّلة بالآلام وندوب جراح القلب الذي أثقله الذنب والحزن ، تستمع في صبر لصوت والدتها الحنون التي تحاول طمأنتها ، ودون أن تدري عبر الأثير كانت تواسيها بقولها" بأنه لا بأس لو ارتكبت أخطاءً بين الحين والآخر كأي بشري وأنه لا بأ لو سببت المشاكل للآخرين ، وأنها لو احتاجت في أي وقت فيُمكنها العودة للمنزل" ..كانت الأم دون أن تدري تنكأ جروح ابنتها بقوة ...

* مأساة الممرضة  "سايجيما - سان" وشعورها الإنساني رغم قسوته ..مراقبتها لحبيبها من بعيد واختبائها منه ، صراعها مع نفسها ما بين الذهاب إليه أو الابتعاد عنه ، أن تعامله بلطف وحنان وبعفوية أم بجفاء وضيق لكي تُمهّد لانفصالها عنه ، تحاول أن تختار القرار الصحيح لكنها تعجز ، فتكره نفسها أكثر
--------


*ا" جدة آيزاوا " والكاشف الحقيقي عن شخصيته ، الخط الدرامي الضروري الذي استطاع استخلاص كل المشاعر الإنسانيّة في بطلنا الذي يظهر للآخرين هادئ حد البرود أو  غامض حد الغرور .

- نظرات الصدمة والذهول التي كانت في عينيه حينما اكتشف أنها لا تعرفه وأنه فقد المخلوق الوحيد على هذه الأرض الذي ينتمي له رغم أنها أمامه ، وبأنه فقد ذاكرتها التي تربطه بها ..كانت مؤلمة للغاية  ×___×

-لحظات شروده وقلقه وعيناه الحائرة حينما ضحى بإطمئنانه عليها أول مرة لأجل حلمه ولأجل معالجة المرضى وركوب الـ هيلي ، ما بين تمزقه بين عواطفه ومشاعره وبين ولائه لعمله ورغبته في مساعدة الآخرين.
-ا ( بل وربما دفنه لآلامه وأحزانه التي لا يعلم بها أحدٌ سواه ، يدفنها حيث يُمكنه أن يبذل نفسه وجهده ، حيث يكون هناك مَن بحاجته ! ) ا

- محاولاته المُتكرّرة لأن يُذكّرها بنفسه وردودها الصادمة عليه في كل مرة ، لنرى تلك النظرة المنكسرة في عينيه

-حينما آذته وجرحت وجهه خلال نوْبة هياجها ، حينما كان ينظر لها بذهول ممتزج بحزن هائل  بينما "شيرايشي" تُحاول تهدئتها ، وضغطه على قلبه وعلى مشاعره واضطراره لأن يكون عنيفًا مع أحب الناس إليه لكي يحميها ، تقييدها للفراش والحد من حركتها ، الاستماع لصرخاتها المُستغيثة التي تمزق قلبه واضطراره لأن يُعاملها كمريضة دون أي اعتبارات أخرى..كان هذا ببساطة تعذيب نفسي بلا حدود >_<

ركوعه بجوار فراشها ليلاً وفكه لوثاقها كان مؤثرًا ، وكأنه كان يود أن يعتذر منها عن كل ما صدر منه - حتى لو لن تتفهّمه أو تتذكره - ليجدها في عالم الأحلام ..فينهار بجوارها مُخلّفًا متاعب وآلام اليوم بأكمله ..

- آلمني بشدة حينما كانت تُطالب بنقودها الذي أخذوها ثم اتهمت "آيزاوا " بأنه سارق وعليه إعادة ما أخذه ، لا أدري لماذا أحسست أنه فهمها أو وَقرت في نفسه بشكل آخر ، لفد آلمته الكلمة ليس لكوْنها قد أصيبت بالخرف وتسأل عن نقودها ، لكن لأنه أحس وكأنها تنبع من مشاعرها الداخليّة وأنه بالفعل كان بمثابة اللص الذي سرق حياة ونقود وشباب هذه المرأة ، وأنه تسبب لها في الكثير من الأذى كونها مَن ربته بعد والديْه واعتنت به وأفنت ما تبقّى من عمرها لأجله بينما هو غادرها في النهاية لأجل دراسته وعمله

أي أن الكلمات اخترقته وجرحته بطريقة مختلفة عمّا تبدو عليه ، لذلك أعجبني حينما قال لـ "شيرايشي "في ختام حديثهما أن شكرًا لأنكِ داويتي جرحي ، أحسسته يقصد الاثنيْن المعنوي والمادي ، حتى حديثه مع "هياما " في المصعد رغم قسوة ما قالته لكنه أثر به جدًا وربما يكون السبب غير المباشر في تفجّر عواطفه في المشهد التالي ..كل المعطيات كانت تؤدي لهذه النتيجة .

**المشهد الذهبي في رأيي لـ أيزاوا : لقطة كافيتيريا المستشفى ، جدته وهي تحاول شراء كل ما تقع عليه يداها كانت في حد ذاتها محزنة ، .آلمني أنها لازالت متعلّقة بأيام طفولة حفيدها العزيز ولأنها لا تعرف كيف يُمكنها مساعدته أو جعله أفضل الآن بعد أن كبر وفرقت بينهما المسافات والحياة سوى بالشئ الوحيد الذي تعرفه ..الحلوى ^_^ ..كانت تُسعده وهو صغير جدًا وكانت مكافأته على كل فعل جيد يقوم به ، تريد أن تملأ يديه بالحلوى لتُسعده وليعرف كم هي فخورة به وبعمله الجاد وتوضح له أنها تبحث عن سعادته ..وليعلم أنه ببالها طوال الوقت ..

رجاءه لها وتجاهلها له ، كونه عاطفيًا جدًا معها وعدم استطاعته منعها بالقوة ، فقط كانت جراحه تتزايد كلما زاد نفورها منه وكلما كانت جافة أو عنيفة معه ، حتى صرّحت أخيرًا عن سبب أفعالها الغريبة ، وعن حبها لحفيدها الوحيد ،آآآآه..لكم كان يحتاج لتلك الكلمات ولذلك الحنان حتى لو لم تقله له بشكل مباشر ، حتى لو لم تعد تتذكره ، لقد أعادته كلماتها لعالم الواقع لثوانٍ ، وأنه بالفعل لا يمكن أن يعيش وحيدًا للأبد ، يحتاج من وقت لآخر لصدر يبكي عليه ولحضن يحميه من آلامه وأحزانه وهمومه ، آلمه أنها لا تعرف أنه ههنا ويحس بما تقوله وأنه لا يريد منها سوى أبسط الأمور ..أن تتعرّفه ! *__* ، لا يوجد حلوى في العالم يُمكنها تعويضه عن ذلك .

لقد اكتشف أن خوفها وضيقها لاختفاء نقودها لم يكن لأنها عجوز خرفة أو لأنها بخيلة مثلاً تحب النقود وعانت من الفقر طويلاً ..لكن لأنها جمعتها فقط لأجله...وربما حتى أن سبب خروجها من بيتها قبل تتهاوى وتتعرض لاصابتها تلك ربما كان لأجله هو ..لأنها تُحاول شراء شئ لأجله ..

دموعه الصادقة وآلامه المختلطة بملايين المشاعر وصلت لنا حتمًا ، كانت لقطات قاسية حينما احتضنها من الخلف منهارًا بالبكاء بينما هي لا تشعر بوجوده أصلاً ، وكأن هناك حاجزًا خفيًّا بينهما ، يُناديها فلا تسمعه ، يتمسّك بها وينتفض بالبكاء فلا تحس به ، ورغم أنها بجواره فعلاً لكنها في عالم آخر ، ليشعر وكأنه وحده في هذا العالم يُحادث نفسه ..شعورٌ مؤلم حقًا بالوحدة ..لقد كانت لقطة مدمرة من جميع النواحي ..
المفاجأة أن كل زملائه تقريبًا شاهدوا تلك الواقعة - في الحقيقة لا أفهم لماذا هو بالذات المفضوح عالميًّا في تلك المستشفى وكلما مسّه شئ نجدهم جميعًا بالمصادفة في الأجواء :\ -

زميلهم الذي يبدو جامدًا باردًا من الخارج لا يتأثر بأي شئ وقد انهار تمامًا ، ليبتلع كلٌّ منهم رأيه وأفكاره المُسبقة وانطباعاته ويعلموا أننا جميعًا ببساطة حمقى حينما يتعلق الأمر بالبشر ، حينما نحاول الحكم عليهم من خلال الظاهر ، وحينما لا نُدرك أن كثيرين يخفون ألمًا ومشاعر أكثر مما يُظهرون ..

وأنهم أحيانًا يُضطرون فقط لاخفاء خوفهم وضعفهم لكي يستطيعوا الاستمرار في هذه الحياة متناسين الآلام ، ولأننا كبشر لا نهوى كثيرًا أن يرى الآخرون ضعفنا وانكساراتنا !

لقد كان تجربة انسانيّة جميلة حركت الكثير من مشاعري..وظلت عالقة بذاكرتي حتى الآن ، وقد اكتملت بمشاهدة الحلقة الخاصة من الدراما ، والتي سأتحدث عنها بإذن الله لاحقًا..

عتابي الوحيد على الدراما هو أنهم كادوا يُصيبوني بالصلع من كثرة شد شعري حينما أجد الطبيات منسدلات الشعر أو أن غرّة كل منهم ماشاء الله طول هكذا ! ، قد يكون عيبًا في الاخراج الذي لابد كان عليه تنبيههم أنهم بصدد العمل في مجال حساس وطارئ يحتاج للسرعة والعملية ، ولا أجد بصراحة انسدال الغرّة على العين شيئًا محبّبًا حدوثه وقت الجراحة أو القيام بعمل دقيق !

كذلك في الموسيقى التصويريّة التي رغم امتلاكها مقطوعات غاية في الجمال وهي تلك الهادئة أو الحزينة بالإضافة للموسيقى الحماسية الرئيسيّة ، لكن كانت هناك برأيي مقطوعات أحسها إما مبالغ فيها أي جاءت صاخبة زيادة عن اللازم بدلاً من أن تحوي الاثارة والأكشن ، أو تكون غير ذات وجود أي لا أحس بوجودها أصلاً ..

تقييمي لهذه الدراما 8 من 10 ..وذلك بالوضع في الاعتبار جزئيات الشعور "المهفهفة"

إحم..سيتم ضربي والدعاء عليّ ..وسيتم مُطالبتي بتكاليف حبر الاقلاع الآن بضمير مُستريح ، لكنه شئ اشتقت له منذ مدة لا بأس بها ، ورغم هذه الثرثرة متأكدة إنني نسيت الكثير مما كنت أود قوله ! ، لأنني شاهدت الدراما مرة واحدة فقط وأصريت أن أكتب خواطري في ملف لكي لا أنسى شعوري بها ، وهذا ما قد حدث بالفعل الآن ..نسيت التفاصيل

عُذرًا لازعاجكم ..وتمنياتي لكم بيوم طيب أعزائي ^_^

خالص تحياتي

-------------------------------------------

نُشرت هذه الخواطر لاول مرة في  17 نوفمبر  2009

هناهنا + هنا

-----------------------------------------------------------------------------
photos credit to : livedoor Blog + fl3urc1ty @ eqla3

November 2021

S M T W T F S
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930    

Style Credit

Expand Cut Tags

No cut tags
Page generated 9 Jul 2025 11:33 am
Powered by Dreamwidth Studios